ماهو السيانيد أو « السيانور » ؟ وماهو ثأثيره على الإنسان والحيوان في المحيط المنجمي ؟

admin
صحة و تغذية
admin8 ديسمبر 2014
ماهو السيانيد أو « السيانور » ؟ وماهو ثأثيره على الإنسان والحيوان في المحيط المنجمي ؟

بقلم د.أحمد ايت توشنت (تخصص الجيولوجيا والجيوكيمياء)
إن السيانيدات بصفة عامة هي أملاح حمض سيانيد الهيدروجين، وكيميائيّاً تتميز باحتوائها على رابطة كربون- آزوت التي تتكون من ارتباط ذرة الكربون برابطة ثلاثية مع ذرة النيتروجين (أو الآزوت). وغالباً ما يطلق اسم السيانيدات على المركبات اللاعضوية الحاوية على الرابطة المذكورة في أملاحها، مثل سيانيد البوتاسيوم أو سيانيد الصوديوم والتي تُستعمل في الصناعة المنجمية لإستخراج المعادن النفيسة كالفضة والذهب، في حين أن المركبات العضوية الحاوية عليها تسمى النتريلات مثل الأسيتونتريل. وتعد المركبات التي يمكن أن تحرر أيون السيانيد (أو أيون كربون-آزوت) من المواد الشديدة السمية تجاه الإنسان والحيوان.
في الطبيعة، توجد السيانيدات بكمّيّات جدّ ضئيلة في بذور بعض النباتات مثل بذور التّفاح ولوز فاكهة المشمش واللوز المر، ويُنصَح بعدم تناول تلك البذور لأن هضم 50 حبة لوز مرّ مثلاً كافية لقتل إنسان بالغ وذلك بسبب السيانيدات الشديدة السمية التي يحتويها. و للإشارة فإن سيانيد الهيدروجين قد تمّ استعماله خلال الحرب العالمية الثانية من طرف النازيين كسمّ قاتل في حاويات الغازات السامّة الحربية.
في المجال الصناعي، يُنتج السيانيد الصناعي إنطلاقا من مادة الأمونياك وبعض الهيدروكاربورات وذلك بأكسدة هاته الأخيرة. ويُستعمل السيانيد الإصطناعي في عدة مجالات من بينها مجال التعدين والصناعة المنجمية وذلك لإستخراج الفلزات الثمينة كالفضة من معادنها الخامة، وهي عملية « Cyanuration » بالفرنسية، وذلك بعد سحق الحجر الخام بدقة بكسّارات آلية ضخمة وغمر المسحوق الدقيق في محلول السيانيد، ويتكون بذلك ملح رباعي « Sel quadruple » بعد مدة من التفاعل وتكوين أوحال وجزيئات معدنية. يتم بعد ذلك استخراج الفضة (أوالذهب) بإضافة نجارة الزنك أو الألومنيوم إلى المحلول، ثم تحميض المحلول بحامض الكيبريتيك لإزالة الزنك أوالألومنيوم الزائد، وبعد ذلك يتم تجفيف الوحل وتسخينه في فرن خاص تصل فيه درجة الحرارة إلى أكثر من 900 درجة مائوية مع التهوية لأكسدة الحديد والرصاص المتواجدين، ينتج عن ذلك منتوج أولي قد يتكون من 90% من الفضة (أو الذهب). و البقايا الناتجة عن هذه العملية هي عبارة عن نفايات صناعية شديدة السمية بسبب أملاح السيانيد التي تحتويها. وقد يتم تخزين هاته النفايات عادة في أحواض يتم بنائها بطريقة خاصة و مفتوحة للهواء الطلق و غير نافدة بإحكام تام على شكل سدود، وتحت تأثير الشمس والرياح على هذه الأوحال يتم تجفيفها عن طريق التبخر مما قد يجعل السيانيد يتلاشى ويكوِّن السيانات ثم الكاربونات وهي مركبات غير سامة.
إلاّ أن بعض الشركات المنجمية في الكثير من الدول النامية، وبسبب واللامبالاة وانعدام الضمير الإنساني، يقومون بطرح تلك النفايات على شكل أوحال شديدة السمية مباشرة في الوديان ومجاري المياه ليتم دمج تلك السموم في الفرشاة المائية الباطنية ودمجها في السلسلة الغدائية المحلية لينتج عن ذلك أمراض خبيثة وعاهات صحية مستدامة.
وتثمل سميّة السيانيد في تأثيره على دم الإنسان والحيوان وذلك بتثبيته فوق البروتين الذي يسمى اليحمور أو »hémoglobine » بالفرنسية، والمتواجد داخل الكريات الحمراء في الدم والمسؤول عن نقل الأوكسيجين إلى أنسجة الجسم، ويُعتبر الجهاز العصبي (الدماغ) والقلب الأعضاء الجد حساسة لأيونات السيانيد وأول من يتأثر بها نظراً لحاجتها الكبيرة للأوكسيجين.
ويؤدي هذا التعرض لمركبات السيانيد في المحيط المنجمي الى الزيادة في مستويات السيانيد في الدم ويسبب مجموعة متنوعة من الأعراض كالضعف البدني والشلل (والتي يمكن أن تكون دائمة)، تلف الأعصاب، قصور الغدة الدرقية وكثرة الإجهاض لدى النساء الحوامل. قد يكون هناك أيضا الأضرار التي تلحق الكبد والكلي.
ففي بداية شهر شتنبر لسنة 2013 نزل إلى الشارع أمام مقر الحكومة الرومانية أكثر من ثلاثة عشر ألف شخص (رجال، نساء وأطفال) في اقليم ترانسيلفانيا بدولة رومانيا احتجاجا على الشركة الكندية ڭابرييل روسورس تحت شعار « نعم للصحة لا للسيانور » ، وهي شركة منجمية كانت تتوقع استخراج 1600 طن من الفضة و 300 طن من الذهب سنويا في أكبر منجم ذهب وفضة مفتوح على الصعيد الأوروپي بجبال الكاربات، وهذا قد يتطلب استعمال 12000 طن من السيانور كل سنة مما قد يسبب كارثة بيئية كبيرة جدا. وتعتبر هذه المرة الأولى التي يتحرك فيها الشباب الروماني ضد مشروع قد يسبب كارثة بيئية، وقد عبّر أحد المحتجين: « إنه لا يمكننا السماح بترك بحيرة من سمّ السيانيد لأطفالنا ». وقد تعهدت الحكومة بوقف المشروع بصفة نهائية. وبالجنوب الشرقي المغربي (إميضر تنغير) يعتصم السكان منذ ثلاث سنوات إحتجاجا على شركة مناجم إميضر « SMI » لنفس الأسباب.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.