أسوار حضارة الغاب تتهاوى… على من الدور؟ ولمن العاقبة؟

admin
اقلام حرة
admin27 أبريل 2017
أسوار حضارة الغاب تتهاوى… على من الدور؟ ولمن العاقبة؟
أحمد حسيسو

بسم الله الرحمان الرحيم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وسيدنا ومولانا محمد رسول الله، وعلى آله ومن والاه.

لا يختلف الباحثون الدارسون لتاريخ الأمم والحضارات على أنها تمر تماما من نفس مراحل نمو الإنسان الفرد، كما غيره من الكائنات الحية، إذ يولد ضعيفا فتنمو قوته صُعُدًا ثم يغدو قويا ويبلغ أشده، ليبدأ العد العكسي لقوته وتماسكه على نمط التمثيل المبياني لدالة تناقصية كما يعبر أهل الرياضيات، فينتهي به المآل إلى غاية من الضعف، فإلى فناء. “وتلك الأيام نداولها بين الناس”، غير أن القاعدة العامة لا تنفي وجود اضطرابات واستثناءات في الشكل المبياني لتلك الدالة على كل حال.

لسنا هنا بصد الغوص في أعماق التاريخ لنستعرض حياة حضارات عاد وثمود أو اليونان والرومان أو الفرس والبيزنطيين، أو غيرها، فتلك مباحث لن يفي بحقها مقال مختصر كهذا، لكننا نكتفي بتقليب النظر فيما حولنا من أمثلة وعبرٍ عن قرب في الزمان.

بالأمس القريب خرَّ جدار برلين معلنا نهاية حقبة كيان حديدي عملاق من أمام أعيننا، وقد كان يشكل توازنا  مع الولايات المتحدة الأمريكية، على مستوى النفوذ في العالم إيديولوجيا واقتصاديا وجغرافيا وعسكريا، إنه الاتحاد السوفياتي، الذي تأسس عقب ثورة باهرة نفذها العمال المحرومون ضد الأغنياء  الماسكين بتلابيب ثروة فاحشة.

و.م.أ. والاتحاد السوفياتي هما القوتان العظميان المتنافستان على الريادة حينذاك، وهما السباقتان لغزو الفضاء، ولإنتاج السلاح النووي والصواريخ العابرة للقارات وأسلحة الدمار الشامل، ورغم التنافس والعداء فقد شكل توازن الرعب بينهما رادعا منع أن تجرؤ إحداهما على الآخرى وتتجاوز الخطوط الحمراء.

بالأمس فقط انتهى وجود المعسكر الاشتراكي وحلفه العسكري “وارسو” الذي كان يقوده الاتحاد السوفيتي، وأصبح أثرا بعد عين. هذا العملاق العظيم عرف ولادة ونشأة، ثم قوة وبناء، ثم ضعفا وفناء. وقد كان غزو أفغانستان بمثابة آخر مسمار دقه  القدر الإلهي في صناعة نعش الاتحاد السوفياتي.

بانهيار الاتحاد السوفياتي خلت الساحة الدولية إذن للولايات المتحدة لتنفرد بزعامة العالم، وتفرض سيطرتها وعولمة قيمها بقسوة وشراهة، كيف لا وقد تنفست الصعداء بالتخلص من المنافسة الحقيقية، مما زاد من غطرستها وهيبتها على البلدان الضعيفة، لقد عاثت الآلة الحربية ل و.م.أ. ولا تزال لحد كتابة هذه السطور فسادا عظيما لم يسبق له مثيل منذ الحرب الكونية الثانية، مخلفة الملايين من القتلى والجرحى والمعطوبين والأرامل والثكالى والأيتام والمهجرين، ناهيك عن الدمار الهائل للبنى التحتية للدول المستهدفة.

ولأجل إضعاف جبهة الصمود والتصدي لعدوانها، فقد نجحت في إيقاظ الفتن والعداوات الطائفية والمذهبية تماشيا مع سياسة فرق تسد وتنزيلا لها على أرض الواقع. فهل ستظل و.م.أ. فرعون الدنيا إلى ألأبد؟

لم يكد ينفرط العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، حتى بدأت الموازين الدولية تتغير، إذ لم تعد تخطئ العين بداية نهاية هيمنة القطب الواحد على مفاصل الساحة الدولية، فقد استمر صعود نجم الصين وروسيا في كافة الميادين، فضلا عن “تمرد” قوى عالمية مختلفة أخرى على الرضوخ والانصياع لإرهاب أمريكا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن حاملة طائراتها التي طالما وصفتها بأنها غير قابلة للغرق لم تعد فعلا آمنة من الغرق، أتدرون ما هي حاملة طائرات أمريكا غير القابلة للغرق في زعمها؟ إنها دولة الكيان الصهيوني المسماة “إسرائيل” !

أغلال الغرب التي كبل بها الأمة العربية والإسلامية للحيلولة دون استقرارها ووحدتها ونهضتها تتجلى في زرع دولة “إسرائيل” وفي مخططاتها التخريبية الهمجية، ولهذا فإن استئصال ذلك الورم السرطاني الخبيث في قلب الأمة، من شأنه أن يجعل صحتها في الطريق الصحيح نحو التعافي والشفاء، ويضعف تحكم الغرب وعلى رأسه أمريكا في مقدراتها، ويتنحى عائق من أشد العوائق المانعة لانعتاقها وقيامها من جديد إن شاء الله العزيز الوهاب.

إن صعود قوى منافسة، وصحوة أمة الإسلام التي تتقوى و.م.أ. على حسابها وتغتني من خيراتها، لهي عوامل ومؤشرات على بداية العد العكسي لهيمنة وطغيان واحدة من أشد الحضارات عدوانية في التاريخ، حضارة العولمة الجشعة الأمريكية، ولقد بلغت الذروة، وهي الآن بلا ريب في حالة هبوط، لا يشك في ذلك إلا كل منبهر بمظاهر جبروتها العسكري وقوتها الصناعية، ضعيفِ الفهم وعديم الاستيعاب للسنن الكونية التاريخية.

 بالأمس أتى الدور على الاتحاد السوفياتي، وغداً، بحول الله جلت عظمته، الذي يمهل ولا يهمل، يأتي على حضارة الغاب المتجلية أساسا في سلوكيات الولايات المتحدة الأمريكية، والتي طال أمد قهرها للأمم المستضعفة المغلوبة، حتى بات عموم الناس يشكون في إمكانية غروب شمسها إلى الأبد.

وبعد غد إن شاء الله، تحقيقا لا تعليقا كما قال ابن تيمية رحمه الله، تكون العاقبة للمسلمين المصلحين المتقين وليس عليهم، وتبزغ شمس نهضة الإسلام وحضارة الإسلام من جديد، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ذلك وعد غير مكذوب، فما أسعدك يا أُخَيَّ إن كنتَ قدراً وسبباً لتنزل نصر الله على أمة رسول الله، وطوبى لك إن سعيتَ لأمر الله ولو بدعاءٍ أو دعوةٍ أو بشارةٍ أو بكلمة طيبةٍ، فما بالك بما فوق ذلك.

إن دين محمد خاتم النبيئين، وإمام المرسلين، صلى الله عليه وآله وسلم، استثناء من قاعدة ضعف ثم قوة ثم فناء، وبالتالي فإن الأمة الحاملة لهذا الدين لن تموت فيها بذور الحياة والبركة والعزة أبدا، مهما اشتدت عليها الهجمات والأزمات، فقد بدأت وصعدت حضارة الإسلام بنبوةٍ وبخلافةٍ على المنهاج النبوي، ثم هبطت في دركات الحكم العاض والجبري قرونا، وهي الآن في صعود نحو خلافة ثانية على منهاج النبوة بإذن الله العليم القدير.

إن الدارس الحكيم النزيه المتفحص لحيوية الدعوة الإسلامية وتمددها وانتشارها في كل مكان من المعمور، رغم شتات المسلمين وضعفهم المؤقت، المتدبر لمغزى اعتناق الإسلام من لدن المفكرين والعلماء الكبار من مختلف القوميات والمرجعيات، ومن طرف الباحثين النابغين في مختلف التخصصات العلمية الدقيقة، ليخلصن إلى أن المستقبل للإسلام، لا إله إلا الله محمد رسول الله.

                      تنغير، ظهر يوم الأربعاء 27 رجب 1438 للهجرة الموافق ل:  2017/04/26

المصدر أحمد حسيسو

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.