الزيارات الملكية لإفريقيا.. تأسيس لغد واعد

admin
2017-03-28T12:16:33+01:00
آخر الأخبار
admin28 مارس 2017
الزيارات الملكية لإفريقيا.. تأسيس لغد واعد

ما يجب أن نعيه نحن المغاربة ، هو أن الزيارة الملكية لدول إفريقيا تدخل في اطار استراتيجية واضحة بعيدة الأمد تهدف لجعل المغرب دولة قوية – سياسيا و اقتصاديا و أمنيا و ذات الريادة خاصة في محيطه الافريقي ، و ذلك بتنويع شركاءه انطلاقا ، من حلفائه التقليدين كأوربا الغربية و الولايات المتحدة و روسيا و أشقائنا في الخليج العربي ، و مرورا بالقوى العظمى الصاعدة كالصين و الهند و تركيا، و تركيزا على العمق الإفريقي الواعد والغني.

Roi_MohammedVI_Soudandusud

و تظهر الزيارات الملكية للكثير من الدول الافريقية ، في غربها و شرقها و جنوبها ووسطها، بجلاء الالتزام و الإلحاح الملكي على توسيع نطاق التعاون مع بلدان إفريقيا و بإعطاء الشراكة جنوب – جنوب بعدا ملموسا… منها ما يعتبر توطيدا للمكتسبات، كالتي اخذته للغرب الافريقي، ومنها ما يعتبر فتحا لآفاق جديدة واعدة ، كالتي أخذته لشرق إفريقيا و القرن الافريقي، ومنها ما اعتبر خرقا و فتحا لمناطق و دول كانت مرتعا لخصوم و حدتنا الترابية، كالتي أخذته إلى دول جنوب شرق افريقيا و الدول الأنجلوسكسونية على العموم.

King-Mohamed-VI-and-Paul-Kagame-660x330

بهذه التحركات الملكية السامية التي لاقت ترحيبا واسعا لدى الشعوب و الدول الافريقية الشقيقة، و المزعزعة و المزلزلة لخصوم المغرب، يكون المغرب، ماض، و بالملموس من خلال العشرات من الاتفاقيات العملية الموقعة و المشاريع التي تم اطلاقها و المبادرات الإنسانية التي تفضل جلالة الملك بالقيام بها ، في أن تصبح له الريادة في افريقيا التي تسيل خيراتها و فرص الاستثمار فيها و سوق المليار نسمة الذي تشكله ، لعاب القوى العظمى و الشركات الكبرى ، ناهيك عن الدور الكبير في تسوية ملف وحدتنا الترابية.

MOhamedVI99

إن طموح جلالته في جعل المغرب في مصاف الدول المتقدمة ، و في التأكيد على استقلالية قراراته السياسية و الاقتصادية ، و في طموحه للعب الدور الذي كان الغرب يحصره في نفسه في افريقيا، له ما يبرره ، باعتبار ما يتوفر عليه المغرب من مؤهلات بشرية و طبيعية ، و بفضل الإصلاحات الشاملة الكبرى التي حققها المغرب، والخبرة و التجربة الطويلة التي راكمها في مجالات مختلفة، وبفضل الاستقرار السياسي و الاجتماعي الذي ميزه في محيط إقليمي مضطرب، واخيرا بفضل الترسانة القانونية التي تضمن للاستثمار الداخلي و الخارجي شروط النجاح و الاطمئنان ، و باعتبار المغرب أول بلد مستثمر بغرب افريقيا و ثاني مستثمر في القارة برمتها.

هذه من جهة. من جهة أخرى ، فإن كل هذه المميزات تجعل إخواننا الأفارقة يرغبون في الاستفادة من تجربة المغرب الذي يقاسمهم الانتماء و يشعرون بأنه جزء منهم لا يعاملهم بمنطق و بعقلية المستعمر المتكبر…

كما أن جلالة الملك يكون بهذه الزيارة و البرامج ، قد ترجم فعليا ما تبناه المغرب دستوريا بانتمائه الإفريقي و طبق و نفذ مقتضيات دستورية تنص على ضرورة تقوية علاقات التعاون والتضامن مع الشعوب و البلدان الافريقية و على ضرورة تعزيز المكانة القارية للمغرب…

1-1-1024x686

و بإيجاز شديد ، يمكن أن نستنتج أن الزيارات الملكية لإفريقيا حققت عدة أهداف أنية و استرتيجية ذات الأبعاد السياسية و الأمنية وكذا الاقتصادية والتنموية و الاجتماعية ، فضلا عن البعد الروحي و الديني ، أسوق بعضها فيما يلي :

سياسيا – دبلوماسيا – أمنيا ، الزيارات الملكية مكنت من :

  • تعزيز تموقع المغرب في القارة الافريقية باعتبارها مجالا جيواسترتيجيا حيويا منتجا وواعدا ، و خمدة للمصالح العليا، و عى رأسها قضية الصحراء المغربية ،
  • تعزيز موقع المغرب كدولة من الدول الرائدة عالميا في مجال عمليات حفظ السلام و في مجال مكافحة الارهاب و الجريمة المنظمة ،
  • وضع الأسس الكفيلة ، بل الإجراءات العملية من خلال توقيع العشرات من الاتفاقيات ، لجعل المغرب فاعلا مؤثرا في التحولات التي يشهدها محيطه الافريقي.
Discours_Royal_310117
  •   تعزيز دور المغرب ليكون وسيطا ضروريا بين أوربا و إفريقيا، بالنظر إلى موقعه الجغرافي الرابط بين القارة الإفريقية و الأوروبية؛ كما يمكن إن يكون بوابة للسياسة الخليجية نحو إفريقيا.
  • مكنت العديد من شركائنا الأفارقة من الاقتناع بكون النهوض بالقارة الإفريقية لا يمكن أن يتم إلا من خلال التعاون المتبادل بين أبنائها  و دعمهم لبعضهم البعض في المحافل الدولية وفي قضاياهم العادلة، وليس من خلال انتظار التدخل الخارجي و بيانات المنظمات الدولية ذات الأجندات.
MOhamedGuinea
  • الزيارات الرسمية التي يقوم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لعدة دول افريقية، كانت فيما مضى خارج أجندة السياسة الخارجية للمملكة، كزامبيا، تعتبر اختراقا دبلوماسيا و اقتصاديا مغربيا غير مسبوق لمنطقة إفريقيا الجنوبية، وتأكيدا للمصداقية التي باتت تكتسبها مقاربة التنمية التضامنية التي ما فتئ يدعو إلى تكريسها جلالته في القارة الإفريقية.
Capture-d’écran-2014-03-04-à-20.34.03-1024x680
  • كما تتجلى أهمية هذه المقاربة الدبلوماسية البراغماتية الجديدة التي أطلقها جلالته بتلك الزيارات، في كونها موجهة لدول و لمجالات ،مثل تنزانيا و رواندا، التي تشكل النواة الصلبة للدول التي تعترف ب “الجمهورية الصحراوية ” الوهمية، و التي خصت لجلالة الملك استقبالا شعبيا كبيرا و عبرت عن تغيير مواقفها حول قضية الصحراء، كما أشارت لذلك وزيرة الخارجية رواندا موشيكيوابو.
  • اخترق المغرب لدول شرق إفريقيا و جنوبها سيضع الاعتراف ب “جمهورية تندوف”في سلة المهملات. و سيصبح الأمر غير ذي موضوع كما هو الحال في دول إفريقيا الأخرى.
356a992b39590a13591b98e50d325cf36046
  • دعم موقع المغرب داخل الاتحاد الإفريقي الذي أصبح يلعب دورا سياسيا مهما في بلورة القرارات السياسية المرتبطة بإفريقيا بمجلس الأمن، ومن بينها قضية الصحراء المغربية .
  • من خلال إعادة قراءة البيانات المشتركة التي ينهي بها جلالة الملك زيارته للعديد من الدول التي زارها نلاحظ تأكيدا من هذه الدول على مغربية الصحراء و انسجامها التام مع المقترح المقدم للمجتمع الدولي بخصوص منح أقاليمنا الجنوبية حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية  ما يعنيه توجيه رسالة واضحة إلى المناوئين و أعداء الوحدة الترابية بأن المغرب ماض في استكمال وحدته الترابية و بناء عمقه الاستراتيجي داخل إفريقيا، و طرد الكيان الوهمي من داخل الاتحاد الإفريقي .
  • إقدام العديد من الدول الإفريقية على سحب أو تجميد اعترافها بما يسمى “الجمهورية الصحراوية ” المزعومة.
  • إعلان رواندا و تنزانيا، اللتين تعترفان بجبهة البوليساريو، دعمهما للمغرب في طرحه حول نزاع الصحراء. . .
48b10201c5cc9b43e3f674f378b715a8_XL

اقتصاديا : 

  • الانخراط المتزايد لفاعلين جدد ،كمقاولات القطاعين الخاص و العام، و مؤسسات المجتمع المدني، إلى جانب الفاعلين الرسميين ،في تنفيذ السياسة الإفريقية للمملكة المغربية التي تصب في مجملها في اتجاه تعزيز رهاناتها المتعددة الأبعاد السياسية و الأمنية و الاقتصادية و المالية و الثقافية و الاجتماعية .
si-pm-ethiopien-plateforme-300x177
  • تشجيع الاستثمار العمومي و الخاص و تعزيز التبادل التجاري و التكامل الاقتصادي مع بلدان إفريقيا و مجموعاتها الاقتصادية. حيث مكنت الزيارات الملكية من توقيع العشرات من الاتفاقيات ومن إطلاق مشاريع استثمارية مهمة جدا كالشراكة التاريخية التي تم إطلاقها بإثيوبيا لتطوير منصة لإنتاج الأسمدة باستثمار ضخم قد يصل إلى 3.8 دولار فضلا عن تدليل العقبات للمستثمرين المغاربة الراغبين في التموقع خاصة في الدول ذات جاذبية و مرودية كبرى ، مانحا لهم فرصة كبرى، لتوسيع أنشطتهم خارج المملكة، و سوقا استهلاكية للمنتوج المغربي   .
roi_cote_ivoire-300x175
  • الزيارة الملكية لدول من شرق إفريقيا تعبير عن تحول في المقاربة السياسية و الدبلوماسية المغربية تجاه هذه المنطقة من القارة الإفريقية التي تحتضن تكثر من 380 مليون نسمة، و الذي يعتبر عمقا استهلاكيا بحاجة إلى خبرة راكمها المغرب في إفريقيا الغربية و الوسطى، و عمقا سياسيا استراتيجيا سيفتح للمغرب أفاقا رحبة على مدى العقود المقبلة  .
  • روحيا و ثقافيا و اجتماعيا : 
  • – مكنت الزيارات الملكية من تجديد و تقوية النفوذ الديني للمملكة بمختلف الدول الافريقية, خاصة بمنطقة افريقيا جنوب الصحراء, و هو ما تجلى بوضوح من خلال مبادرة تكوين الائمة الأفرقة بالمغرب ، و من خلال تصاعد عدد مقاعد الدراسة المخصصة للطلبة الأفرقة بالجامعات المغربية .
شرق-افريقيا-1rt3rb9ytgpbx7kdxy5958srj8hzn255qagds4hehplg
  • الزيارات الملكية لدول افريقية كالسينغال و مالي ,غينيا كوناكري, ساحل العاج ,الغابون, مكنت من دعم موقع المملكة المغربية كمنارة روحية, نظرا لما يتمتع به أمير المؤمنين من مكانة روحية مطبوعة بالسمو و الاحترام العميق له عبر ربوع تلك الدول, و هذا ما يتجسد في الاستقبالات الشعبية الحارة . و يشكل المحدد الروحي أهم دعامات المغرب في علاقاته بالكثير من الدول الإفريقية، لما له من دور محوري في دعم تماسك شعوب هذه القارة جيوسياسيا  و حضاريا وفي مد جسور الحوار و التواصل و صيانة نسيج العلاقات الحضارية و السياسية بين المغرب و افريقيا .
104355416
  • كما أن البعد الانساني حضر بقوة في الجولة الملكية و إن كانت الهبات الطبية و المستشفيات الميدانية التي يقيمها المغرب في هذه الدول من تجلياته الكبرى ، فان مجرد الزيارة لهده البلدان هو بحد ذاته يحمل أبعادا انسانية, وهي البلدان التي يحجم قادة الدول عن زيارتها لظروفها الأمنية الهشة أو كما لو كانت بالنسبة لهم مجرد مناجم لاستخراج المعادن التي يحركون بها اقتصادياتهم المبنية على تفقير الأفرقة.
Capture-d’écran-2014-03-04-à-20.34.03-1024x680
  • الزيارات الملكية السامية برهنت على أن المغرب يحظى بثقة و احترام كبيرين من قبل الشعوب الافريقية عبر التاريخ و الى يومنا هذا ، و هو ما لا تحظى به جميع القوى المتنافسة في نفوذها بإفريقيا، و السر في ذلك يكمن في الروابط الدينية التاريخية و علاقات التسامح و الاحترام الانساني بين المغاربة و هذه الشعوب . هده الميزة تعتبر ضمانة قوية للاستثمارات المغربية بتلك الدول التي لن تتعرض للانتهاك إدا ما قدر الله و تغيرت الأنظمة بها، باعتبار الشعور السائد بعدم الاستقرار للأنظمة الحاكمة في بعض من تلك الدول …
102341_mo3

خلاصة  :

أمام هذه المبادرات و المكتسبات و جب علينا ،كمغاربة كل من موقعه أن نتحمل مسؤولياتنا اتجاه وطننا ، من أجل مواكبة و تحقيق تطلعات جلالة الملك لجعل المغرب دولة قوية مستقرة متماسكة و متقدمة …ويمكن تلخيص ذلك بإيجاز شديد فيما يلي:

على المجتمع ككل أن يحافظ على تماسكه الداخلي الذي يعتبر سر وركيزة استقرارنا و قوتنا .

 على الفاعلين السياسيين المضي في البناء الديمقراطي ودعم الجهود الملكية بمبادرة الاحزاب و المؤسسات المنتخبة و الغرف المهنية, و الفاعلين  الاقتصاديين, الى جانب المجهودات الحكومية الرسمية.(على سبيل المثال :اطلاق شراكات و توأمات بين المجالس الترابية ونظيراتها الافريقية، بين المنظمات المهنية، بين المؤسسات التعليمية …الخ).

علينا العمل على جعل المغرب في مستوى مسؤولية الريادة :

-مؤسسات التكوين و التعليم العالي  و البحث العلمي يجب ان تكون في المستوى الجامعات الرائدة عالميا.

-المقاولة المغربية التي يجب أن تؤهل لتكون في مستوى منافسة الاسواق الدولية، وتكتسب روح المبادرة و الغامرة لاكتساح الاسواق الافريقية.

-الخبراء و مكاتب الدراسات يجب أن تأهل لتصبح بديلا للخبرات الغربية في افريقيا…

المصدرتنغير انفو - متابعة

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.