بين البواب ورئيس مجلس النواب

admin
اقلام حرة
admin21 يناير 2017
بين البواب ورئيس مجلس النواب
الحبيب عكي

لا أدري،ماذا كان سيضر مجلس ممثلي الأمة لو جعل على رأسه رجلا بإرادة وهموم الأمة مثل البواب،أليس هو الرجل الذي يملك مفاتيح المجلس،ولا تطؤه أقدام أحد من الأغلبية أو المعارضة ما لم يفتح له البواب ويلقي عليه التحية والسلام،وهو على عكس الكثيرين يسجل على الدوام حضوره،و ربما حمل إلى مختلف النواب مختلف التوصيات والوساطات،يحرس السيارات وينظم الزيارات ويقدم للجميع العديد من الخدمات،وفوق ذلك هو يعرف تاريخ المجلس وأسراره وتفاصيل كل معاركه الطاحنة،وأبطال ومخرجي كل مسرحياته الكوميدية والتراجيدية،فلماذا لا ينتخبه البوابون والطباخون و”الشياؤون”والتقنيون المائيون والكهربائيون وحتى المحررات في المكاتب و”الزغراتات”على القرارات وحارسات المراحيض الإيكولوجية الجديدة في مجلس الشعب بهواتفهن الذكية ومناديلهن الدافئة،ويشارك في كل ذلك ويقوم بتغطيته كل من يعج بهم القبو والقبة والبهو والباهية والدرج والمدرجات وهم أكثر عددا وعدة من الصحفيين والصحفيات والمصورين والمصورات والمراسلون والمراسلات والضاربون على”الكلافيي”والضاربات ويطوي في الأخير كل تلك التفاصيل ويؤرشفها المؤرشفون والمؤرشفات،وكفى الله القتال ممثلي الأمة الفعليين والممثلات؟؟.

ولا أدري،لماذا كل هذا الحرص الشديد والحساب الدقيق في ممارسة السياسة ومتابعتها اليومية،وكان دون السياسيين واليقظة الدائمة   وسرعة البديهة سرعة السقوط في هاوية الغفلة والاندحار،أو كأن هذه السياسة هي المن والسلوى الذي أسعف ولازال يسعف الوطن في كل رهاناته وتحدياته والمواطنين في كل احتياجاتهم وطلباتهم،فلا فقر ولا بطالة ولا احتجاج ولا عطالة،أو كأن قواعد السياسة ولوازم ممارستها لا تزال اليوم عندنا سليمة،وللمنطق الرياضي فيها معنى،وللممارسة الديمقراطية فيها تجلي،وللتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية فيها مردودية دائمة ومقنعة، ناهيك عن وجود وتناغم كل حلقات النظام السياسي الفعال من الحزب السياسي بمعنى الحزب لا بمعنى القبيلة أو الدكان والمقاولة، ووجود السلطة الحاكمة بمعنى الحكم لا التحكم والسلطة لا التسلط والحياد الإيجابي لا التواطئي المعلن وغير المعلن والذي يصر على فرض هندسته فوق كل الهندسات،ولا ننسى ضرورة تشبع المواطن بالحرية والمسؤولية والمواطنة الحقة،وغير ذلك مما يجعل ديدن الجميع هو صدق النوايا وتضافر الجهود وتعاون مختلف الفاعلين على إشاعة الحرية والكرامة والديمقراطية وحقوق الإنسان ومحاربة الفقر والهشاشة والفساد والاستبداد؟؟.

لا أدري،ألا ينبغي أن تكون سياستنا مجرد كياسة لينة هينة بروح رياضية سمحة خلاقة،خاصة وأن قواعد الرياضة تماما مثل قواعد السياسية بل ربما أفضل وأنبل،ملعب ولاعبين،حكام ومحكومين،قرارات ومراسيم،تماس وشرود،”دوباج” رياضي و”دوباج” سياسي،شغب الملاعب وشغب المجالس اللذين -مع الأسف- فشلت في محاربتهما كل التدابير؟؟،ففي كلا النشاطين السياسي والرياضي نتحدث عن نفس الإيجابيات والإنجازات ونفس المخاطر والسلبيات،ولكن بعض الأقوام دائما في شرود تأبى إلا اللعب بدون قيود ولا شروط،وتأبى إلا ممارسة اللعبة غير المعلنة وإن في الملعب المعلن،كان عليها التجند مع الجميع لتهيئة الملعب المتوحش وبناء الحلبة الرياضية السياسية أولا،وكان عليها الملاكمة بارتداء القفزات الجلدية لا المخالب الحديدية المخبأة وسطها،وكان عليها الاحتكام إلى القوانين والقرارات والصافرات لا إلى المراسيم و الصداقات والوساطات والمؤامرات،وكأنها لا يهمها إلا الفوز وبأي ثمن وعلى حساب أي كان،ولذا كان لابد لهؤلاء أن يختاروا ويتواطئوا مع حكم بواب خارج الأغلبية الحزبية الفائزة بلعبة الصناديق،وأن يلعبوا لعبتهم الخبيثة ولو في غياب أهم لاعب في المقابلة كلها ألا وهو الشعب الناخب وإرادته المهدورة المغدورة؟؟.

ولا أدري،لماذا يصر هؤلاء على خلط الحابل بالنابل بدعوى الروح الرياضية والمشاركة الجماعية والاحترام المتبادل والواجب على الجميع للجميع،وبكل انتهازية و وصولية يقولون:بالأمس كنا وكنتم واليوم أصبحنا وأصبحتم،لا غالب ولا مغلوب،ولا 07 أكتوبر ولا 37 فبراير ولا شارع ولا ميدان،خيار دستوري واحد و أوحد أن يكون الجميع مثلنا وفق دستورنا وفي خدمة مصالحنا أو يبحث له عن برلمان غير برلماننا وحكومة غير حكومتنا؟؟،وكم أعجبني رد سكان العالم الافتراضي والواقعي وهم يرفضون المؤامرة الصامتة ويردون عليها بتعاليقهم الساخرة الصاخبة،فقال أحدهم تعليقا على قولهم لقد منحوا ل”المالكي” مجلس النواب:”البرلمان برلمانهم فليمنحوه لمن شاؤوا،وليمنحوه حتى المملكة فهي مملكتهم”؟؟،وما أن قال “بنكيران”على إثر ما يعانيه من”البلوكاج” الملغوم المعلوم في تشكيل الحكومة قوله المشهور:”انتهى الكلام”،حتى رد عليه الآخرون:”لم تكتشف يا سيدي جديدا،لقد انتهى الكلام،منذ أن سطا الناخبون الكبار على إرادة الناخبين الصغار،ومنذ أن سرق رئاسة الجهات من سقطوا فيها،ومنذ أن تأسس حزب التحكم وكاد يتصدر الانتخابات ولو ب”الدوباج” السياسي على عينك يا “بنكيران”،ومنذ أن أصبح من الرؤساء من يتحكم في 4 و 6 و 8 أحزاب، وعكست رياضيات الأعداد الصغرى(20 و37)فأصبحت أكبر وأهم من الأعداد الكبرى(107 و 125 والمليون والمليونين)،انتهى الكلام منذ أن صدق البعض الوهم وحاول جاهدا تسويقه للناس فصدقوه دون مقابل ولا جدوى،ولكم العبرة فيمن أصبح رئيس مجلس النواب وكيف تم له ذلك بين عشية وضحاها وفي عز ربيع عربي هادر لم يكترث له مكترثون،في حين أن البعض وفي غمرة الحركة الفبرايرية الخامدة المتصاعدة،لا يستطيعون التفكير ولو لحظة ولو همسا خارج ما قيدهم به المتحكمون من قيود وما وضعوهم فيه من صناديق،سموها زورا بالأفق الوطني وهو منها براء”؟؟.

لا أدري،هل هكذا ستصبح دولتنا دولة حديثة ديمقراطية و حداثية؟؟،وهل هكذا سنحترم الإرادة الشعبية ونجعلها في تطلعنا للتغيير ولإصلاح في ظل الاستقرار مقنعة وحاسمة؟؟،هل هكذا سنصحح الصورة المهترئة للبرلمان في الأصل أو هل هكذا سننقذه من وباء مؤسسات الإصلاح وتمييع الأدوار؟؟،أو هكذا سنعزز دوره في مراقبة الحكومة التي لم تتشكل بقدرة قادر فبالأحرى ممارسة التشريع معها؟؟،هل هكذا سنحارب العزوف السياسي ونرفع من معدلات المشاركة السياسية والتنموية العامة؟؟،كم كنا نرى الروح الرياضية في الملاعب تحمل اللاعبين على اللعب بروح قتالية من أجل القميص الوطني والطموح في عزف النشيد الوطني،والرغبة في إدخال الفرحة على الجمهور الوطني،وإذا ما لاح لهم متحسر على نتيجة هزيمة غير منتظرة ولو في المدرجات تحركوا نحوه بكل فرح وسرور ومسحوا دمعه ومنحوه قميصهم وحذائهم ووقعوا له عليهم عبرة وذكرى وتذكرة، ولا يتركونه إلا والبسمة والأمل على محياه،أما نحن”فبزاف عليكم نعطيوكم هذا الشرف”،أتدرون لماذا؟،لأنكم انقلابيون أنانيون لا تمثلون إلا أنفسكم ولم تحلوا حتى مشاكلكم فكيف بمشاكل الوطن والمواطنين؟؟،ولا غرابة بعد هذا وتحسبا لما قد يكون أو لا يكون من مصالح الإرادة الشعبية،أن تجعلوا رئيس برلمانكم  مجرد بواب على باب السلطة والتحكم،مع احترامي لكل البوابين والرؤساء المحترمين”؟؟.

المصدرالحبيب عكي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.