التحكم وفكر المراجعات والفوضى السياسية بالمغرب

admin
اقلام حرة
admin20 سبتمبر 2016
التحكم وفكر المراجعات والفوضى السياسية بالمغرب
عبد الحكيم الصديقي

في ظل هذا اللغط والفوضى التي تشهدها الساحة السياسية بالمغرب في محاولة لقلب الطاولة على حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية أتساءل:

ما قيمة تلك المراجعات الأيديولوجية التي قام بها تيار الإسلام السياسي المغربي لصالح توجهه السياسي الجديد؟

مع العلم أن تيار الإسلام السياسي المغربي تخل من خلال هذه المراجعات عن الخيار الثوري الذي كان يعتمد على العنف في مواجهة النظام الحاكم، فكان التحول إلى تبني فكر ذوي التوجهات المعترفة بشرعية النظام، ووضع بنية فكرية إيديولوجية بديلة تخرجهم من المرجعية الإسلامية الثورية الإخوانية، تم تطعيمها باجتهادات العديد من أبناء حركة التوحيد والإصلاح كالدكتور أحمد الريسوني وفريد الأنصاري والعثماني ويتيم وغيرهم، فكان ذلك مدعاة لتبني خيار المشاركة الإيجابية في الحياة السياسية، وهو ما جعل النظام الحاكم يقبل بإدماجها في الحقل السياسي الرسمي. ويمكن أن نضيف هنا خصوصية السياق الإقليمي الذي عصف بالعديد من الأنظمة في ما عرف بالربيع الديمقراطي أو العربي.

وهكذا ستدخل الحركة الإسلامية المغربية في إدماج سياسي عبر المشاركة الانتخابية والمؤسساتية، لأنها بعد المراجعة والنقد الذاتي أصبحت تراها مسألة اجتهادية تتأسس على قاعدة الترجيح بين المصالح والمفاسد، باعتبار أن الموقف الثوري والمقاطعة أدى بتيار الإسلام السياسي إلى العزلة والهامشية، وهنا يمكن أن نطرح سؤالا راهنيا:

هل يمكن اعتبار صك بعض المصطلحات في الحقل التداولي السياسي من قبيل “التحكم” وبعض الإشارات التي يتناقلها أتباع حزب العدالة والتنمية الداعية إلى العودة إلى التظاهر في حالة ما إذا لم ينجح الحزب في استحقاقات 7 أكتوبر هي بمثابة عودة إلى الخيار الثوري الإخواني وهو ما دفع بالنظام الحاكم إلى قلب الطاولة عليه؟

تأتي مسيرة اليوم بالدار البيضاء التي رفع فيها شعار لا لأسلمة السياسة وتسييس الدين كدليل على عدم مصداقية فكر المراجعات ورغبة النظام الحاكم في الإطاحة بهذا التيار الحيوي.

المسيرة مهما ادعي أنها جاءت من تلقاء نفسها إلا أن مجموع عناصرها وزمكانيتها ولافتاتها وطبيعة المشاركين فيها  تؤكد أنها من صناعة المطبخ السياسي وأجهزته الموالية، وهناك مفارقة أخرى وهي طبيعة الشعارات التي هتف بها المتظاهرون، وهي شعارات فارغة المضمون والمحتوى، إذ أنها تضرب في الأصل الثوابت الوطنية فالمغرب دولة إسلامية دستوريا، وفيها أمير للمؤمنين وحامي حمى الملة والدين، وفيها المجلس العلمي الأعلى، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والمجالس العلمية، وهي مؤسسات تابعة للدولة منوط بها حماية الأمن الروحي للمغاربة ومنها يستمد النظام السياسي المغربي شرعيته الدينية في استتباب الحكم…

ربما سماح أجهزة الدولة لهذه المسيرة ونحن على مشارف استحقاقات 7 أكتوبر يعطينا دليلا آخر على الإرادة القوية للنظام الحاكم للإطاحة بالتيار السياسي الإسلامي في الملحمة الانتخابية المقبلة، ذلك لأنه إضافة إلى ما ذكرناه ينهل من نفس المنبع الذي ينهل منه النظام الحاكم شرعيته السياسية، واستغلاله الدين لاستمالة الناخبين والبقاء على رأس الهرم السلطوي.

وهنا نخلص إلى أن الأحداث الواقعة الآن على مسرح السياسة تجعله أكثر تعقيدا وضبابية ومستعصيا على الفهم إلى حد ما، كما أنه يرجع بخطوات سريعة إلى الوراء نحو إقبار الخيار الديمقراطي.  

وهو ما يجعلنا نفقد الأمل في أي حل يقدمه أي طرف سياسي للمشاكل المتصلة بالمجتمع المغربي لأنه أضحى مستحيلا أمام تكالب الجشع والقيم السلبية على المستويات كافة .. ولذلك أرى أن خيار مقاطعة الانتخابات يجد مصداقيته أمام هذه المهزلة السياسية.

المصدرعبد الحكيم الصديقي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.