الأمَازيغيةُ ليسَت شِعَارا فقَط يا صاح !!

admin
آخر الأخبار
admin22 أبريل 2016
الأمَازيغيةُ ليسَت شِعَارا فقَط يا صاح !!

يقتضي الحديث عن الهُوية الأمازيغية وثقافتها الشاملة الحديث عن اللغة، وطرق استعمالها وتداولها وكل ما يحيط بتلك العملية من تمثلات اجتماعية واكراهات سياسية قانونية وتنظيمية. انه باختصار حديث عن أمر جِبلِيّ راسخ، لا يمكن اختزاله في شعارات جوفاء أو في أعلام رفرافة، ولا في رمز تيفيناغ فقط نضعه بسلسة فوق العنق أو حمّالة المفاتيح أو نثبت به الهُوية اللغوية مُباهَاةً على مِرآة السيارة أو عتبات المنزل. إنه حديث أكبر من ذلك بكثير يا صاح !!

فالمتتبع لمسار ترسيخ الهُوية اللغوية والثقافية الامازيغية في هذا البلد، الذي يشكُو من ضبابية عمدية في تطبيق قوانين الأمازيغية وتنزيلها، ليجد بشكل ظاهر مدى عبثية الإرادة الحكومية والمخزنية في تفعيل القوانين الدستورية المرتبطة بهذا المُكون الأصيل. واذ نعلم جميعا أن اللغة – حسب سوسير- هي الخاصية الفردية التي هي الكلام تضاف إليه الحَمُولة  الاجتماعية، فان محاولة طمْسِها لهُوَ طمس ووأد أيضا للشعب الذي يتحدث هذا اللسان. فمن خلال المسار النضالي للشعب الأمازيغي، يتبين أن “الدولة” وهو مصطلح ثقيل أستعمله هنا بنفس الحَمُولة المعنوية التي قصدها به رئيس الحكومة ذات لقاء حين هتف غاضبا ” عَيْطُو لــدوْلة”، يتبين فعلا ان الدولة غير قادرة على الخيار الأخير الذي هو وأد المُكون الأمازيغي وإبادته.

 غير ان الدفاع عن الأمازيغية لغة وهُوية، يستلزم تصحيح بعض التعثرات التي تصدر عن البعض قصدا أو عن غير قصد، ولا تخدم المسار النضالي الحق، بل أحيانا قد تسيئ الى الهُوية نفسها مضمونا وشكلا . ونلخص هذه السمات السلبية الواجبة تصحيحها والأخذ بها في فئات ثلاث:

1– الفئة الأولى: فئة الإمعات الكراكيز الذين تسلقوا سلالم المسؤولية داخل الدولة، واستغلوا أصوات مناضلي القاعدة والجمعيات والتنسيقيات حتى تحققت لهم مآرب شتى، فبدأوا ينظرون الى المسار الذي أوصلهم بشكل سلبي، ويحاولون ازدراءه ونبذه بتسخير آليات جانبية أحيانا تعادي المسار النضالي الصحيح للقضية الأمازيغية. فالوصُوليون ليسوا بالضرورة قدوة للمناضلين حتى ولو تنكروا في عباءة القضية الأمازيغية، أو تضامنوا مع قضايا الانسان الأمازيغي ومآسيه، ولا شك ان حدث أربعينية “إزم”، مثلا،  شهد حضور مثل هؤلاء، الذين يعتقدون أن السعي مع الحشود سيكسر سوار الكبرياء الوهمِي الذي رسمُوه حولهُم أمَــدا بعيدا.

2- الفئة الثانية: أصحابُ الشعارات الجوفــاء والأمازيغية الظاهراتية، الذين يعتقدون جهْلا أن الهُوية الأمازيغية هي العلم الأمازيغي وإشارة الأصابع الثلاثة والتصرف خلاف الآخر الدخيل. إنه صنف يُمَارس الدفاع عن هويته وثقافته من نزعة مُرَاهقاتية قوامُها العجرفة والتباهي والتركيز على سميائيات المظاهر ومدلولاته. وغالبا ما تسقط هذه الفئة في اختزال الهُوية في طقوس بهرجةٍ معينةٍ تُسِيء إلى الفكر الأمازيغي العقلاني المتحرر. فنتاج مجهوداتهم هو نفسه ما كانت تقوم به الدولة من اختصار الأمازيغية في طقوس فلكلورية غنائية محضة.

3- الفئة الثالثة:  اللامُبالون، العبثيوُن أصحابُ الوجُوه المتعددة الذين يستطيعون العيش في كل المستنقعات والأحواض الاجتماعية كيفما كانت درجة عُفونتها. فهم ماديون نفعيون يلهثون وراء المصالح وقضاء المآرب ولهم استعداد داخلي ان يتحالفوا حتى مع الشيطان. فهم صنفان إثنان: متمزغون أو متعربون انسَلخوا من جلدهم اللغوي الأصلي وأصبحوا تبعا لغيرهم. يحدثونك بلسان أهل الحال ويسير ون معك في كل المسيرات والاحتجاجات والجنائز، يوقعُون عرائض التنديد والشجب، لكن لا يُعوّل عليهم في الشدائد وأمور النضال الأمازيغي، فهم في حُكم أهل الذمة في الاسلام قديما، أعْجاز نخلٍ خاويةٍ تملأ سِجلات الولادات والوفيات بدون هدف.

هذه الأنماط الثلاثة تعكس بعض تجليات قُصُور العمل النضالي الأمازيغي. والعمل على تصحيحها واستدراك نواقصها كفيل بالدفع بعجلة الاصلاح الهُويّاتي قُدما، ولن يتأتى ذلك، طبعا، إلا بادراك ما على المفكرين والأمازيغ الأحرار من مسؤولية كبيرة تجاه الإنسان الأمازيغي الأبيّ، في توعيته وإنارة سُبل التفكير والإبداع لديه، ودفعه دفعًا نحو آفاق التسامح والتعايش وتمييز الخبيث من الطيب في السياسة والعباد. بعيدا عن العُنصُرية اللغوية والدينية العقدية.

المصدرمحمد بوطاهر  - تنغير

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.