ظروف نشأت مدينة قص السوق “الرشيدية” حاليا

admin
آخر الأخبارجهوية
admin1 أبريل 2016
ظروف نشأت مدينة قص السوق “الرشيدية” حاليا

عمل المستعمر الفرنسي إبان احتلال المغرب على تنفيد مخططات مختلفة للسيطرة على المدن المغربية القديمة ، كما عمل كذلك على خلق مدن جديدة تستجيب لمتطلباته الاقتصادية و الإستراتيجية.

ويعتبر الجنرال ليوطي المقيم العام الفرنسي ، من وضع اللبنة الأولى للإدارة الفرنسية في المغرب ، وقد عمل على تعمير المدن المغربية ، ولم يزل الأبنية القديمة ، بل كان يبني مدنا حديثة لإسكان الجالية الفرنسية ، ويفصلها تماما عن المدن المغربية القديمة ، وجهز هذه المدن بالإدارات المختلفة لتسهيل شؤون الإقامة الفرنسية في مختلف المدن المغربية ، وكانت السياسة الاستعمارية كذلك تتمركز على الهجرة الاستيطانية من طرف أصحاب الحرف و المهن ، ورجال الأعمال والتجار.

كما بدأت مع مطلع القرن العشرين تظهر بعض الجاليات الأوروبية في المناطق المؤدية الى الأقاليم الصحراوية الجنوبية الشرقية ، ولكنها لم تجرؤ على التوغل في هذه المناطق إلا بعد أن استتب فيها الأمن ، وذلك بسبب المقاومة العنيفة التي لقيتها الجيوش و الجحافل الفرنسية في السيطرة على هذه الأقاليم الوعرة المسالك .

أسباب اختيار الموقع لتشييد المركز الإداري الاستعماري في الجنوب الشرقي من المملكة.

وقف اختيار السلطات الاستعمارية لموقع بناء قصرالسوق نظرا لما للمنطقة من أهمية ، خاصة منها التجمعات السكنية التي كانت تعتمد على اقتصاد متواضع ، وكان ” السوق ” ، يعتبر المحور الرئيسي للمبادلات الاقتصادية في الواحة . واحة وادي زيز مثلا . حيث كان الأهالي يجمعون بضائع “لبلاد” و ينقلونها قصد بيعها أو مقايضتها بسلع أخرى في الأسواق ، وكانوا يتوصلون بالمستوردات حيث يتم توزيعها كذلك و هكذا …

وكان أول مكان يجتمع فيه أهالي الواحة ، واحة وادي زيز ، التي تمتد من غار زعبل شمالا ، إلى منطقة عين مسكي شرقا ، هو “السوق لقديم” كما كان معروفا في مطلع القرن العشرين ، الذي بني عليه سجن توشكا اليوم . في هذا المكان “السوق لقديم” كان فلاحوا قبائل أيت زدك ومدغرة وأيت عطا واليهود … كانوا يلتئمون قصد ترويج مختلف البضائع الفلاحية والحرفية وغيرها ، الى أن دخل المستعمر عبر بودنيب شرقا ، الذي خطط لبناء مركز قصرالسوق كقلعة عسكرية وإدارية، فحول تجمع السكان  التجاري الى سوق مركزي بوسط المدينة الذي بنيت عليه اليوم المحطة الطرقية .

السلطات الاستعمارية عند غزوها المغرب من الجهة الشرقية ، ركزت على إنشاء مركز قصرالسوق لتجعل منه مركزا إداريا وعسكريا لعدة أسباب منها :

حظوة المكان من الناحية الجغرافية والطبوغرافية الذي يمتاز بوجوده في منطقة سهلة بسيطة و نقية ، بين منطقة السهل و الجبل ، ذلك أن قصرالسوق لا تبعد عن قدم جبال الأطلس الكبير الشرقي إلا بعشرات الكيلومترات على ملتقى الطرق التي تربط المركز بواحة تافلالت ، وهذا الموقع أكسبها أهمية خاصة ، باعتبارها صلة وصل حضارية بين الشمال و الجنوب ، كما ترتبط بواحة اغريس  ، ما يسهل على المحتل عملية الإشراف و المراقبة و التنقل في مجموع الجنوب الشرقي .

كما يلاحظ وجود هذا المركز في خط اتصال بين مجموعتين بشريتين مختلفتين جنسيا و لغويا ، بين مجموعة قبائل أيت ازدك ، ومختلف العناصر الأخرى من بربر و غير بربر المستقرة في شمال المركز وشرفاء مدغرة في الجنوب .

وقد تحكمت عوامل أخرى في اختيار المكان بالذات ، وهو على وجه الخصوص كما ذكرنا أنفا ، وجود نوع من النشاط التجاري الذي أثر على الفرنسيين في اختيار مكان المدينة ، ذلك أن الروايات المحلية ، تتحدث عن وجود شبكة من الأسواق المحلية أخرى ، وهو ما ساهم في تسمية المدينة ب “قصر السوق” الاسم الأصلي للمدينة ، كما كان يطلق كذلك نفس التسمية على القصور الواقعة شمال المدينة ، إضافة إلى المراقبة السياسية . فقد حاول المستعمر ربط علاقات مع سكان القصور ، واستدراج بعضهم إلى الاستقرار في المدينة الجديدة ، وهكذا لجا إلى إرغام اليهود المستقرين في القصور و البوادي إلى الاستقرار في المركز .

على أي حال ، فليس هناك تاريخ دقيق يؤرخ لنشأة مدينة قصر السوق ، لكن ثمة روايات لمؤرخين كلها تتحدث ، أنها من إنشاء المستعمر الفرنسي ، الشيء الذي يمكن من تحديد التاريخ بين 1910 و 1920 ، ويكون اليهود من كون النواة الأولى للسكن في قصرالسوق ، نتيجة شبكة العلاقات التي كانت لهم عبر البوادي و القرى في تلك الفترة الحالكة  وقد استدرجوا معهم قسطا مهما من الحركة التجارية التي أدت إلى توسيع المجال السكاني و العمراني .

واقتصر تأسيس و تعمير مدينة قصرالسوق في عهد الحماية في السنوات الأولى ، على رقعة صغيرة تتمثل في بعض الأماكن الحيوية بالنسبة للإدارة الاستعمارية . كما تميزت المدينة  بنمط من البناء على الشكل الأوربي ، باعتبار الأزقة الواسعة ، وتصميم المدينة على شكل مربعات ، ما سهل على المحتل تنقلاته و اتصالاته بالشمال الغربي و مراقبة الجنوب الشرقي ، كما عمل على شق الطرق لربط مركز قصرالسوق بجميع نواحي المنطقة .

يتبع

المصدرعبد الفتاح مصطفى / تنغير انفو

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.