سنة أولى يا “مدني”

admin
اقلام حرة
admin19 مارس 2016
سنة أولى يا “مدني”
الحبيب عكي

1- سنة أولى يا “مدني”: وقد استبشر الناس خيرا بمولدكم الطيب المبارك وكان حدثا ثقافيا وتنظيميا فريدا وغير مسبوق في مغربنا الحبيب بل وعلى مستوى العالم العربي والعديد من دول العالم،بلسما على الجراح وإيذانا بالأفراح،نسمات دفىء على البرود ومحرك وقود على الركود،قطرات الندى على الجفاف وبصمات البهاء على الجفاء،وها قد مرت على مولدكم سنة كاملة وجاء عيدكم الوطني (13 مارس)،عيد وقفتم فيه والحمد لله على أرجلكم وكثرت خطواتكم  وصراخاتكم وملأتم البيت مرحا وفرحا وهرجا ومرجا،فطيبوا به عيد بهجة ومهجة  وعساكم من عوده؟؟.

2- سنة حلوة يا”مدني”:والمجتمع المدني يستحق كل عناية واحتفاء،على الأقل من منطلق الأدوار الطلائعية التي يقوم بها،ليس من كونه مشتلا خصبا للطاقات وينبوعا دافقا للاقتراحات والمبادرات فقط،بل أيضا للمرافعات والمناصرات وتبادل الخبرات والتكوينات التي يقوم بها لفائدة العنصر البشري والقضايا الوطنية والدولية العادلة، وأيضا أيضا لمساهماته الجبارة التي يقوم بها في المجالات التنموية والثقافية والاقتصاد الاجتماعي، خاصة في ازدياد عجز الدولة وتوحش سوقها وتلاشي حكومتها في العديد من المناطق والملفات والاحتياجات والاحتجاجات؟؟.

3- سنة توقف وانتظار يا “مدني”:وكان الناس ينتظرون الاحتفاء الحقيقي بمجتمعهم المدني خارج البروتوطولات الرسمية وتدبيج الخطابات ولقاءات الصالونات وغمرة الاحتفالات،للتخفيف إن لم نقل إزالة بعض المشاكل التنظيمية والقانونية والميدانية التي تتخبط فيها الجمعيات، حتى تعطوا المعنى الحقيقي والعملي لكل ما ترفعونه من شعارات القرب والتمثيلية التشاركية ومحاربة الاستفراد والتغول والفقر والهشاشة،وعسى ألا يكون جزاء الانتظار مجرده وقد وعدتم أن مخرجات الحوار الوطني حول المجتمع المدني ستكون ثورة مدنية حقيقية وفصلا بين عهدين،فما بال العهود بقيت ككل العهود ولا شيء تغير فيها عن المعهود؟؟.

4-سنة حرة مرة يا “مدني”: ولم يتحقق من كل الانتظارات السابقة والملحة شيئا،خاصة بعد الزلزال السياسي الذي أصاب الوزارة الوصية وحنط كل شيء فيها فلم تستطع حتى إكمال أو تفعيل ما أبدعته من الحوار الوطني ومخرجاته؟؟.فلم يرى الناس قد خرج إلى حيز الوجود لا المجلس الدستوري للشباب والعمل الجمعوي؟،ولا المجلس الأعلى للطفولة والأسرة؟،ولا أخذت طريقها في حياتنا المثلجة جرافات المذكرات والعرائض والملتمسات والمرافعات والمناصرات؟؟،بل حتى المشاكل التقليدية للمجتمع المدني قد بقيت على حالها وازداد خناقها وكثر التطبيع معها،لتحكم قبضتها على الأسرة المدنية المسكينة التي أتت التهابات السوق على جنباتها وجيوبها وصدود الدولة وفرجتها أوغفلتها وتباطؤها على ما تبقى من غيرها؟، ومن هذه المنطلقات وكما قلت في السنة الماضية في مقالي:”ها هنا بدأنا الاحتفال معكن أيتها الجمعيات”، لازال السؤال اليوم مشروعا وملحا يا “مدني”:

  1. هل رأينا تحرير مصطلح المجتمع المدني حتى لا يكون مرتعا لمن هب ودب،خاصة ممن لا يربطهم به غير الخير والإحسان والتمييع السياسوي والسطو على المنح والشراكات وكأنها من ريع المحاباة والملاعق الذهبية،التي تكرس السلطة والثروة في فاسدين مستبدين تعددت عشائرهم ومرتزقتهم؟.
  2. هل تم تحصين الدور التاريخي لهذا المجتمع وإبقائه على طابعه الأصيل هوية ومرجعية وانتماء،من الوطنية والتطوعية والاستقلالية والتنظيمية والتعددية والانفتاحية والسلمية والمبادرة التأطيرية التعاونية التضامنية والسلطة التمثيلية والاقتراحية والترافعية..؟.
  3. هل تحسنت الشفافية إلى حد الآن في التعامل مع الجمعيات على قدم المساواة والكفاءة والأهلية والمردودية والامتداد،أي قانون يلزم القطاعات الحكومية بالمقاربة التشاركية التي تبنتها الدولة،وأي محاسبة لها على تخليها عن ذلك،والموظفون الحكوميون وغيرهم من الفاعلين في الجماعات الترابية يمضون في طريق محفرة يحسبونها طرقا سيارة وعلى رصيفها إخوانهم المدنيين قد ملوا من الانتظار والأوطوستوب دون جدوى؟.
  4. هل خفت أزمة الموارد المالية والكفاءات البشرية في أغلب الجمعيات، ما تتكسر من قلته وتواضع تكويناته كل برامجها الطموحة وأنشطتها المتميزة وتدابيرها التنموية،أو ما هي الخطوات التأهيلية التي يمكن أن ترقى بالجمعيات إلى التعامل مع غيرها من الشركاء خارج هامش الدعم المالي المرير،إلى صلب التعامل الدستوري الواسع  في التشارك في التشخيص ووضع السياسات والبرامج والتعاون على إنجازها وتقييمها ؟؟.
  5. هل رودع الحيف الإعلامي بالتحيز إلى جمعيات دون أخرى بتغطية أنشطتها وتمكين أعضائها من القنوات العمومية،والسخاء عليها بالوصول إلى المعلومات والوضعيات ومختلف الشراكات والمشاركات؟؟.

5- سنة اتحادات وانتظارات يا “مدني”: شيء وحيد شهدته السنة المدنية في بلادنا هذه السنة ولم يكن فيه للوزارة طولا ولا عرضا ولا حتى أدنى ارتفاع،ألا وهو ميلاد اتحادات جمعوية جهوية كبرى،استعداد للمساهمة في تنزيل الجهوية الموسعة التي جاء بها الدستور الجديد2011،ومواكبة أو استباقا أو موازاة مدنية للمجالس الجهوية المنتخبة مؤخرا عبر المملكة، فهذا “مجلس” وذاك”ائتلاف” وهذا “قطب” وذاك “مرصد”،اتحادات وشبكات جمعوية جهوية كبرى تضم عشرات ومئات الجمعيات من مختلف الحساسيات والجغرافيات،طيف من الاهتمامات والخبرات وخزان من الكفاءات والطاقات وعزم وحزم من القدرات والمهارات والاستعدادات،لكن يبقى سؤال موجه إليها بالدرجة الأولى:”ما هي تصاميمها واستراتيجيتها وبرامجها للتدخل والمشاركة”؟؟،وسؤال آخر موجه إلى من يهمه الأمر من الوزارة والحكومة والسلطات و مجالس ورءاسات الجهات،هل ستنتبه إلى هذه الخيرات والخبرات المدنية وتتعاون معها لتنمية الجهات والجماعات والجمعيات ومن تخدمهم من الفئات الاجتماعية؟،أو ستتركها عرضة للتجاهل والإهمال والهذر المدني والتنموي أو التماهي والتباهي وضجيج الأرقام الفارغة؟،أم فقط غاية ما قد يكون مجرد المعهود من  التفرج على مراطون التيه والغرق في أوحال التنظيم والتشبيك والمواعيد والاجتماعات والأسفار والتسول للموارد والانخراطات والتكوينات والشراكات على أبواب الوزارات والسفارات والمنظمات؟؟.على أي قد يكون هذا شأن هذه الاتحادات وهي التي تأبى إلا الاستقلالية والمبادرة،حتى أن بعضها قد قاطع الحوار الوطني حول المجتمع المدني بخلفيات الدعوى ذاتها والتي قد يكون”المدني”أحد ملابساتها؟،وعلى أي مرة أخرى، نحن لا نستعجل إلا أن يكون القطار على السكة، وهو الشيء الذي لا نعتقده حتى الآن قد حدث أو سيحدث بمجرد إعلان عن مراسيم احتفال أو تنصيب تمثال، فما بالك بمجرد إطلاق موقع إلكتروني، وقد كانت قبله مواقع ومواقع يتساءل الناس عن جدواها؟؟،لذا نعود ونقول:”سنة أولى يا مدني”،سنة أولى تكرار وهدر مدني، وعساها أن تكون لكم عبرة وتشمروا على وزارتكم وطاقاتكم وتعيدوا النظر في مخططاتكم وبرامجكم ومقاربات اشتغالكم، حتى تكونوا إلى المدنيين وهمومهم وجمعياتهم أقرب ومع انتظاراتهم ومبادراتهم متجاوبين،فتتذوقوا طعم النجاح والاستحقاق في ما يلي من السنوات المدنية،”سنة أولى “باك” يا مدني” وعساكم أن تنتقلوا إلى السنة “الثانية” بخير وتنالوا “كرطونتكم”بمزيد من الجهد والاستحقاق،بل عساكم أن تنالوا”الإجازة” و”الدكتوراه”إن شاء الله،لتغلقوا ما استطعتم باب التمييع والهذر والبطالة والانكسار والاندحار،وتفتحوا لكم وللمجتمع في ظل الأمن الروحي والثقافي والتنموي باب الشغل والسكن والاستقرار والازدهار؟؟.

المصدرالحبيب عكي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.