هل إسقاط المرسومين هو الحل ؟

admin
اقلام حرة
admin9 يناير 2016
هل إسقاط المرسومين هو الحل ؟
مصطفى ملو

“في الجزائر هناك عائلتان:عائلة تجره إلى الأمام و عائلة تجره إلى الخلف” عنوان المقال الذي بسببه اغتيل الصحافي و الكاتب الجزائري الطاهر جاعوط

قال لي أحد الأصدقاء قبل يومين:”اليوم وقفت على صحة ما كنت تقوله منذ تولي تجار الدين لمهام تسيير شؤون البلاد,اليوم تيقنت من صحة براهينك عندما قلت بأن تجار الدين أخبث خلق الله و أنهم أعداء الشعب و الإنسانية و زوالهم يجب أن يكون أولى الأولويات الشعبية,لقد كنت أعتقد أنك تعارضهم فقط لعمى إديولوجي منعك من قول الحق و من إنصافهم,لكن بعد خمس سنوات من توليهم لزمام المسؤولية تأكدت بأن مهمتهم هي إقبار الشعب و لاشيء غير ذلك,و قد اتضح ذلك أكثر بعد مجزرة الأساتذة المتدربين و إن لم تكن هي الأولى و لن تكون الأخيرة,فقد سبقتها مجازر الأساتذة المجازين و المعطلين و الأطباء و المحتجين في طنجة..”.

يعتقد البعض أن إسقاط المرسومين المشؤومين القاضيين بفصل التوظيف عن التكوين و تقليص المنحة و اللذين أصدرهما بنكيران(حتى لا نوهم القراء و نحمل المسؤولية لبلمختار كما تفعل أبواق تجار الدين,لأن بلمختار ليس سوى مجرد وزير يعمل تحت إمرة بنكيران),سيحل المشكلة و سيعيش بعدها المغاربة في بحبوحة من العيش و رغده.

و الواقع أن الأمر عكس ذلك تماما,إذ حتى لو تم إسقاط هذين المرسومين فالأزمة ستظل قائمة,لأن مراسيم و قرارات تجويعية بحق الشعب المغربي أكثر خطورة و ضررا قادمة لا محالة في حالة استمرار “بزانسة أفيون الشعوب” في الحكم و ليس أقلها رفع الدعم عن الغاز و خوصصة التعليم من أدنى مستوياته إلى أعلاها و تقليص نسبة المستفيدين من المنحة الجامعية عاما بعد عام…فما الحل إذا أمام هذه المعضلات و أما استمرار تجار الدين في إرجاع المغرب قرونا إلى الخلف بالتراجع عن مكتسبات لم تحقق إلا بعد عقود طويلة من الزمن؟
قال قائلهم الحل في إسقاط بنكيران,فهل هذا فعلا حل ناجع لما يمر به المغاربة من فواجع ما تنتهي الواحدة حتى تبدأ الأخرى؟
لنفترض أنه تمت الإطاحة ببنكيران ثم بعده جاء تاجر دين آخر على رأس حزب تجار الدين فهل المشكلة انتهت؟
طبعا لا,لأن الأزمة ستبقى موجودة,مادام لتجار الدين ملة واحدة و مبدأ واحد هو تنصيب العداء للشعب المغربي و فقرائه,وعليه فلن يختلف الخلف عن السلف,بل سيستمر في نفس السياسة التفقيرية,و ربما كان التلميذ أنجب من أستاذه في الاستئساد على أبناء الشعب و التطبيع مع الفساد و المفسدين مع تبرير ذلك التحالف بآيات قرآنية و أحاديث نبوية للضحك على السذج و الأغبياء.
فما الحل يا ترى؟
الحل سهل و بسيط جدا و قد كنا من أول المنادين به,الداعين إليه,وهو استئصال الجرثومة من جذرها,الحل هو حل حزب تجار الدين و منعهم من ممارسة أي عمل سياسي أو تولي أي منصب حكومي مادام الدستور واضح وضوح الشمس في هذا الشأن و لا يحتمل أي تأويل أو تفسير آخر غير المنع,ففي الفقرة الثالثة من الفصل 7 من الدستور المغربي نجد” لا يجوز تأسيس الأحزاب السياسية على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي,وبصفة عامة,على أي أساس من التمييز أو المخالفة لحقوق الإنسان”.
فهل بعد هذا الدليل حاجة إلى بحث عن الحل؟
إن استمرار تواجد حزب تجار الدين خطر يهدد المغرب و استقراره و وحدته الترابية,فهل يعلم المغاربة كم هو حجم الخدمة التي قدمها تجار الدين لأعداء الوحدة الترابية في هجومهم الهمجي الأخير على الأساتذة المتدربين؟هل يعلمون كيف يستغل الانفصاليون هذه الأحداث لدى المنظمات الحقوقية الأجنبية و البرلمان الأوربي و الأمم المتحدة…؟
حتى الدول التي تقف مع مقترح الحكم الذاتي تجعلها الأحداث الأخيرة و مثيلاتها تراجع موقفها ألف مرة و مرة,لأن الانفصاليين يقنعونها بالقول” ها أنتم هؤلاء تدعوننا إلى القبول بالحكم الذاتي و ها أنتم ترون كيف يتعامل بنكيران مع احتجاجات سلمية لأساتذتهم,فمن يضمن لنا أننا إذا قبلنا بالحكم الذاتي لن نلقى نفس المصير إذا احتججنا أو خرجنا للتظاهر؟و من يضمن لنا بأن بنكيران و حزبه لن ينتقموا منا؟”
لهذه الأسباب رأينا كيف أن الأزمات فيما يتعلق بالوحدة الترابية في عهد حكومة تجار الدين لم تأت فرادى,فمن الأزمة مع السويد,إلى الأزمة مع المحكمة الأوربية…لا لشيء سوى لأن تجار الدين فشلوا في تدبير جميع القطاعات الداخلية و الخاريجة و أساؤوا إلى سمعة المغرب في الداخل و الخارج…
إن سياسة إرضاء الخواطر قد ولت,و عليه فاستمرار تواجد حزب يتاجر بالدين الإسلامي,فقط من أجل تسويق صورة لدى الخارج مفادها أن المغرب منفتح على جميع التيارات بما فيها الإسلاموية و أنه فتح صفحة جديدة مع هذا التيار لإدماجه في الحياة السياسية لن يأتي إلا بعكس النتائج كما وضحنا,لأن الديمقراطية و الدستور كل لا يتجزأ,و التنزيل السليم لهما يقتضي أولا و قبل كل شيء تفكيك حزب المتاجرين بالدين و إلا فانتظروا الأسوأ.  

المصدرمصطفى ملو

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.