هل لازالت النقابات تملك سلطة؟

admin
اقلام حرة
admin24 نوفمبر 2015آخر تحديث : الثلاثاء 24 نوفمبر 2015 - 4:10 مساءً
هل لازالت النقابات تملك سلطة؟
يوسفي عبد المجيد
استقيت هذا العنوان من برنامج بث في القناة الخامسة الفرنسية ( TV5 Monde )،ناقش موضوع تراجع الانخراط في النقابات الأوربية ،وضعف قدرتها على اضافة مكتسبات جديدة لفائدة الطبقة العاملة-المطالب المعنوية أكثر- أو على الأقل تحصين المكتسبات السابقة، وهو أمر مرتبط بالتحولات الاقتصادية الكبرى التي عرفتها أوربا ،خصوصا انتقالها من الاقتصاد الكلاسيكي الى المعرفي ،المتميز بسيادة التقنية والعمل عن بعد ،وتشتت العمال في فروع صغيرة لاتسمح بتكوين تجمعات كبرى للشغيلة.
ان كان الحال هكذا في أوربا مهد الحركة النقابية ومنطلقها منذ القرن 19م خاصة مع النقابات الأولى التي تشكلت في انجلترا بحكم أسبقيتها للثورة الصناعية والتي حققت للحركة العمالية العديد من المطالب ،فكيف سيكون عليه حال النقابات في بلدنا المغرب الذي أعلنت فيه أربع مركزيات نقابية برنامجا نضاليا متنوعا عبر فترات(مسيرة يوم الأحد29 نونبر بالدارالبيضاء،تجمع عمالي عام يوم الاحد 8دجنبر،اضراب وطني يوم 10دجنبر…).
لتسجل حضورها الباهت الذي لايعكس  ماضيها الحافل بالنضالات والتضحيات، خصوصا مع الدينامية الاجتماعية التي يشهدها المغرب الحالي والمتجلية في تنامي وثيرة الاحتجاجات والتي مست مكونات اجتماعية مختلفة الطلبة الاطباء،الاساتذة المتدربين،حراك مدن الشمال ضد غلاء الماء والكهرباء كلها احتجاجات غاب عنها الانخراط الفعلي للنقابات كمؤسسة للوساطة بين المجتمع والدولة ،وهو أمر ليس بالجديد فقد سبق للنقابات أن اختارت الحياد السلبي تجاه مطالب الشارع في حراك 2011. ممايدل بشكل ملموس على تردي الحركة النقابية المغربية وتراجع دورها. وهو أمر تعكسه ضعف نسبة التنقيب ،وطغيان التشتت والانقسام ،وفوضى التنظيمات وغياب الديموقراطية الداخلية وصراع الهيئات السياسية على المواقع داخل النقابات للتمترس خلف مطالبها، كمؤشر على غياب الاستقلالية عن الأحزاب ،وأكبر دلالة على ذلك أن اي انقسام حزبي يتبعه انقسام نقابي ،بل وصل الأمر الى مهادنة الحكومة ان كانت تتألف من الحزب المكون للنقابة ،مما خلق في النهاية ازدواجية في الخطاب لدى هذه النقابات التي تعد ملاحق لأحزاب مسؤولة بدورها عن تردي الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمغرب ،نتيجة لذلك يلاحظ غياب التأطير النقابي للاحتجاجات التي أصبحت تخرج بشكل عفوي غير منظم،زد على ذلك غياب الوعي النقابي وسيادة منطق الأنانية واللامبالاة في المجتمع،مما أفرز في النهاية نقابات ضعيفة في سلطتها التفاوضية مع الحكومة ذات مطالب جزئية واحتجاجات غاب عنها الزخم هي أقرب للتنفيس الاجتماعي منها للنضال ضد مصادر الظلم الاجتماعي الذي تكتوي به الطبقة العاملة .
فان كانت المركزيات النقابية الاربع اختارت اليوم العالمي لحقوق الانسان (10دجنبر)يوما للإضراب العام للتعبير عن غياب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشغيلة وللمطالبة بتلبية مطالبها ،فانه من الاولى الحديث عن الحقوق اليومية المهضومة للمواطنين، والتي تكتسي طابع الاستعجال، ولن يكون ذلك الا بالانحياز والاصطفاف لصف المجتمع ، وتجاوز التصدع النقابي الى بناء جبهة نقابية موحدة ، تستطيع تغيير موقعها التفاوضي ومنطقها التدافعي من الصراع الى العدل (المطالب بالحق في اطارالقيام بالواجب) مع السلطة ،بدل ترك الساحة فارغة،فالبنية الفوقية لاتعترف الا بالموجود في الساحة.
المصدريوسفي عبد المجيد

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.