ماذا لو لم يمت الجنرال فرانكو؟

admin
اقلام حرة
admin12 نوفمبر 2015
ماذا لو لم يمت الجنرال فرانكو؟
تسليت أونزار
ترى، لو لم يكن الجنرال “فرانكو” على فراش الموت سنة 1975، هل كان سيتنازل عن الصحراء ‘الغربية” المغربية؟
سؤال راودني بشدة منذ صغري و مازال كلما عادت سنويا الاحتفالات بذكرى المسيرة الخضراء.
كبداية و لمن لا يعرف “فرانسيسكو فرانكو”، فقد كان القائم على رأس الدولة الاسبانية ما بين 1939 و 1975. في عهده لم يكن لإسبانيا نظام حكم معروف، لم تكن مَلَكية بالتأكيد و لا بجمهورية، بل وضع نظاما سياسيا عرف ب “نظام فرانكو” ذو إيديولوجية محافظة و وطنية كاثوليكية  و كان نظاما ديكتاتوريا و فاشيا.  
حتى لا أتعمق كثيرا في تاريخ إسبانيا، سأتحول إلى فترة استعمار هذه الأخيرة للصحراء المغربية رسميا سنة 1884، عندما استشعرت اهتمام فرنسا و بريطانيا بالمنطقة، فكانت سباقة بضمها و إعلانها محمية لها.
تتوالى الأحداث مشحونة، طالب خلالها المغرب مرارا باسترجاع أراضيه الجنوبية. أمام رفض قاطع لحكومة مدريد، و أمام تماطل الأمم المتحدة، يقرر الملك الراحل “الحسن الثاني” و باستياء شديد، رفع القضية أمام محكمة العدل الدولية بلاهاي في 27 سبتمبر 1974.
في 11 ديسمبر 1974 : تعلن لجنة تصفية الاستعمار بالأمم المتحدة عبر 81 صوتا، رفض مقترح استفتاء تقرير المصير و بأن القرار النهائي سيكون بيد محكمة العدل الدولية.
32 مايو 1975 : مجلس الوزراء الإسباني برئاسة الجنرال “فرانكو” يخلص إلى أنه إذا تم منع حق تقرير المصير لأسباب خارج عن إرادة إسبانيا، فهذه الأخيرة ستتخلى عن الصحراء مع اقتراح قمة في إسبانيا للدول الثلاثة المعنية بالخلاف.
15 يونيو 1975 : الحسن الثاني يصرح بأن “استرجاع الصحراء المغربية هي مسألة حياة أو موت بالنسبة للمغرب” و يضيف : “سنفعل ذلك بكل ثقة و نحن متبسمون”.
16 أكتوبر 1975 : محكمة العدل الدولية تفند مزاعم إسبانيا بأن الصحراء كانت أرضا غير مأهولة بالسكان عندما وطئتها، بل تؤكد على وجود روابط ولاء قانونية بين سكانها و المملكة المغربية، و بذلك تعترف المحكمة بأن الصحراء هي جزء من تراب و سيادة المغرب.
في هذه الفترة و في أقل من 15 يوما، يفاجئ الراحل الحسن الثاني الجميع بطرحه خطة أذهلت الجميع و أربكت حساباتهم، حيث أعلن عن انطلاق مسيرة سلمية من كل عبور المملكة في اتجاه الصحراء، مسيرة مؤلفة من 350.000 مشارك (و هو عدد مواليد المملكة سنويا في تلك الفترة)، مكونة من جميع الفئات المجتمعية و العمرية، مسيرة من أجل إسقاط الحدود التي وضعتها اسبانيا للصحراء، فكانت “المسيرة الخضراء” في 6 نونبر 1975.
في مكالمة هاتفية للكاتب العام للأمم المتحدة مابين 1972 و 1981، النمساوي “كورت فالدْهايْم” مع “هونري كيسنجر” (السياسي و الدبلوماسي الأمريكي الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 1973)؛  فإن خبر إعلان “المسيرة الخضراء” كان كالصدمة على الرئيس الجزائري آنذاك “الهواري بومدين”، حيث كان في حنق و غضب غير عاديين و لمح في ردة فعل خارجة عن السيطرة لمقاومة “بوليساريو” و قال : ” الوضع سيكون أسوأ إذا تم هذا الأمر، فلن يكون له أثر فقط على بلدان الجوار، بل أيضا على الشرق الأوسط”.
..لكن المسيرة الخضراء انطلقت و المتطوعون لا يحملون غير القرآن الكريم و الأعلام الوطنية، و كانت الطائرات الإسبانية تحوم فوق رؤوسهم حيث كان بود الجيش الاستعماري للجنرال “فرانكو” فتح النار على هذا المد البشري المتدفق، لكن حكومة مدريد و الملك الشاب “خوان كارلوس” المتوج حديثا آنذاك، لم يملكا الشجاعة لارتكاب مجزرة من هذا الحجم. فكان الاستسلام.
في 14 نونبر 1975 : الجنرال فرانكو يوقع تخلي إسبانيا عن الصحراء و يتصل بالهواري بومدين كي يأخذ بزمام الأمور في المنطقة – حسب رواية “محمد بن أحمد الغالي”،الوزير الأول في حكومة “الشادلي بن جديد” مابين 1979 و 1984-.
20 نونبر 1975 : يرحل “فرانكو” عن الحياة بعد صراع مرير و طويل مع عدة أمراض، حيث طلبت ابنته من طاقمه الطبي قطع جميع الأجهزة التي كانت تبقيه على قيد الحياة و ذلك بعد دخوله في غيبوبة مطولة.
و هكذا و بعد حوالي 90 سنة من الاستعمار الاسباني، يسترجع المغرب و بخطة ذكية أبهرت العالم أراضيه الجنوبية، و تتم إزالة الأعلام الإسبانية من على جميع المؤسسات الإدارية نهائيا في 28 فبراير 1976.
.. و حيث يبدأ صراع آخر مع جبهة “البوليساريو” التي ترفض أي طرح للحكم الذاتي و المدعومة من طرف الجزائر بدعوى دعمها لحقوق الشعوب، غير أن بحثها عن منفذ في المحيط الأطلسي و مآرب أخرى لها في المنطقة، تجعلها تتكبد مصاريف خيالية لتمويل الجبهة الانفصالية على حساب تنمية بلدها و شعبها …
بعد ما تقدم أعود لسؤالي في البدء؛ ربما لو كان “فرانكو” في كامل قواه الصحية، لما صارت الأمور بالشكل الذي خططه المغرب، و ربما ما تردد في قصف حشود المسيرة الخضراء، لربما كان ارتكب أكبر مجزرة في تاريخ الإنسانية و أكيد كانت قضية الصحراء لتتخذ أبعادا أخرى.
المهم أن التاريخ لا يعرف الفرضيات و الأمور صارت كما نعرفها اليوم و المغرب استرجع أراضيه و نظام “فرانكو” تمت إدانته على المستوى الدولي رسميا يوم 18 يوليوز 2006، ليس بسبب استعماره للصحراء، بل لكل الجرائم التي ارتكبها في حق الشعب الإسباني و بسبب الحرب الأهلية التي أشعلها و قادها لثلاث سنوات.
** مرجعية التواريخ : كتاب “سكان الصحراء الغربية : تاريخ، حياة و ثقافة” للصحفي الإيطالي ” أتيليو كوديو”
« Les populations du Sahara occidental – Histoire, vie et culture » : Attilio Gaudio-Italie.
    
المصدرتسليت أونزار

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.