في البالِ شامٌ ..

admin
اقلام حرة
admin21 أغسطس 2015
في البالِ شامٌ ..
تِسليت أونزار
(1)
ضاقتِ الأوطانُ بما رحُبَتْ
فاستحالتْ سِجناً
و “أحدُهم” على جَثامِيننا .. سَجانا!
أيا بلدُ فيكِ الصِّبا شاخَ
و فيكِ للوَليدِ بُكاءٌ مزقَ الآفاقَ.
ذِكرانا فيكِ ضاعتْ تحتَ قصفٍ
فتلاشى المكانُ .. و أحْجمَ  الزمنْ ،
حدائقُنا الخُضرُ كانتْ هنا؛
نَعدُو بين الشجرْ
صَرَخاتُنا تملأُ الفضاَ
تُخبرُ عناَّ
عنْ إخوةٍ و رفاقَ عُمُرْ؛
يجمعُنا الدربُ
يجمعُنا الدمُ
يجمعُنا حُلُمٌ
نَظَمناهُ عِقداً مِن زَهَرْ…
محمدٌ، زينبٌ، عليٌّ و كوثرْ..
كمْ لاحَقنا غيْماً
كمْ عانَقْناَ شمساً
كمْ غَفَوْنا مِن تَعَبٍ، حُلْوٍ
حَسِبناهُ سَرْمدٌ، في دمِنا يكبُرْ …
(2)
ضاقَتِ الأرواحُ بما حَمَلتْ؛
كلُّ شيءٍ صارَ عَبَثْ
شوارِعُنا ركامٌ، طَلَلْ
لا وليدٌ يبكي
لا صوتُ طَرْقٍ
لا نَفَسْ
لا مقهى يَعُجُّ بالبَشَرْ..
إلا َّ .. زُْغْرودةٌ تُقَطِّعُ حَناياَ الأنَمْ
لِأمٍّ ثَكْلَى
تَزُفُّ شهيداً
دمُهُ مِسكٌ و عَنْبَرْ،
على حُزْنِها تَشْدو
و تَبْتَهِلُ في جَلَلٍ .. للصَّمَدْ
(3)
وَيْحَكِ مِناَّ يا بَلَدْ
ضِعْنا فيكِ و أنتِ الحِصْنُ و المَدَدْ
أزِقَّتُكِ مَلْغومَةٌ
عندَ كلِّ رُكنٍ فيها ألفُ شَرَكْ.
بَيْتُنا قَفْرٌ غَدا
لا قِرَى فيهِ
لا ضَحِكٌ
لا خِصامُ إخْوتي حولَ اللُّعَبْ..
جُدرانٌ باردةٌ و صَفيرُ ريحٍ بينَ الغُرَفْ؛
أينَ كُتُبي؟.. صُوَري؟ .. سَريري؟..
أين حياتي.. و الأهلُ؟..
أيْنَكِ ياااااا بَلَدْ؟؟؟…
(4)
أمْيالٌ وَراءَنا نَحْسَبُها أَبَدْ
خَلْفَنا الخُطُواتُ عَثْرى، بلا هَدفْ.
فارَقْنا الدِّيرَةَ في مَرارةٍ
و أَرْواحُنا تَيْهى.. بين شَوْقٍ و حَنَقْ،
على مَرمى مِن مَهْجَرٍ يُلاقِينا
نُفوسُنا مُنْكَسِرَةٌ
و حَالُنا يَعْتَصِرُهُ وَجَعْ.
رَحَلْنا و تَرَكنا دَماراً يا بَلَدْ
تَركنا فيكِ عُواءَ ذِئابٍ، جَوْعى
عَطْشى لِدِماءِ البَشَرْ!
(5)
هَجَرنا الدِّيرَةَ نحوَ غرْبٍ
بارِدِ الحِسِّ، رَتيبِ الزَّمَنْ
غُرباءُ أصبحنا في مَهْجَرٍ
ما لنا عليهِ طاقةٌ
و حِمْلُ الوطنِ هَمٌّ يُضْنيناَ..
نَلُومَ النفْسَ إنْ تَوَطّنَتْ غُرْبَةً
و الحَنينُ إلى أراضينا في الحشى يَكْوينا ..
صَيَّرُونا بلا مأْوى، بلا حاضِرٍ
في مَخيماتِ الذُّلِّ بِتنا مُشَرَّدينَ
قِياداتٌ تُوَزِّعُ فينا
كَقِطَعِ شَطْرَنْجٍ في رُقْعَةٍ مَشرُوخَةٍ :
فهذا شيعيٌّ .. و هذا سُنيْ
و هذا كُورديٌّ .. و هذا عربِيْ
و هذا إزِدِيٌّ .. و ذاكَ دُرْزِيْ
فأينَ الوطنُ مِنَّا يا راعينا؟ …
(6)
وطنٌ مُشَتَّتُ الأوْصالِ تُهنا عنْهُ
باعوهُ في صمتٍ، في صفْقةٍ
و السماءُ فَوْقَنا تَلْعنُ الآثِمينَ..
حتى متى هذا الوَبالُ،
و عُهْرُ السياسةِ مِنْ حُكامِنا .. يَبْتَليناَ؟!
وطنُ الأحرارِ جَنَحْنا عنهُ
مُكْرَهينَ
و البَعضُ باقٍ، يذوقُ الموتَ و يَفْدينا
ما بالُ الحاكمِ يَتَفَنَّنُ في بَغْيِهِ؛
هل ثمنُ الكُرسيُّ
أرواحُ الملايينَ؟؟؟…
المصدرتِسليت أونزار

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.